اخبار السودان

اذبحوهم واقطعوا الرؤس: فإنهم لا يستحقون الحياة! 13

وفي المسرح المعقد للنزاعات المسلحة الدولية كانت أو المحلية، يخضع وضع ومعاملة الأفراد الذين أسرتهم القوات المتعارضة لإطار شامل للقانون الإنساني، تؤكده اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية وهي التي تتماشى مع قيم الإسلام الحق. وتهدف هذه الصكوك القانونية، التي تجسد إجماع المجتمع الدولي منذ قدم الزمان الى يومنا هذا، إلى التخفيف من قسوة الحرب والحفاظ على الكرامة الإنسانية وسط فوضى الصراعات والنزعات المسلحة ذات الطابع العنيف الذي يتسم بالتشفي والغل في كثير من الأحيان.

“يعتبر المقاتل الذي يقع في أسر طرف معارض في نزاع مسلح دولي أسير حرب”، وهو مبدأ متجذر بقوة في اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949، التي تنظم على نطاق واسع معاملة أسرى الحرب. تضع هذه الاتفاقية، إلى جانب سابقاتها والبروتوكولات اللاحقة لها، الأساس القانوني الذي ينص على أن جميع الأشخاص الذين يقعون في أيدي العدو، بغض النظر عن وضعهم المقاتل أو المدني، يحق لهم الحصول على الحماية بموجب القانون الإنساني. وتؤكد اتفاقيات جنيف على أن “الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال”. إنسانياً” (اتفاقية جنيف الثالثة، المادة 3).

إن التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين، على الرغم من أهميته في تطبيق وسائل الحماية هذه، إلا أنه يختلف قليلاً في سياق النزاعات المسلحة غير الدولية. في مثل هذه السيناريوهات، توسع اتفاقيات جنيف نظام حماية محدد ليشمل المحرومين من حريتهم، مع التركيز على الحد الأدنى من المعاملة، خاصة لأعضاء الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة. ويعكس هذا الاعتراف بالطبيعة المتطورة للحرب والحاجة إلى تكييف المبادئ الإنسانية مع مجموعة متنوعة من سيناريوهات الصراع.

ومن الجدير بالذكر أن الحقوق الممنوحة لأسرى الحرب والأشخاص المحتجزين ليست مسألة التزام قانوني فحسب، بل هي أيضًا ضرورة أخلاقية. على سبيل المثال، أكدت الشريعة الإسلامية تاريخياً على المعاملة الإنسانية للسجناء، ودافعت عن سلامتهم وأمنهم واحتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الطعام والشراب الكافي. ويشكل هذا التقاطع بين القانون الدولي والاعتبارات الأخلاقية نظام حماية شامل لأسرى الحرب، مما يؤكد القيمة العالمية الممنوحة للكرامة الإنسانية.

وتنص اتفاقية جنيف الثالثة وغيرها من القوانين الإنسانية بوضوح على وجوب معاملة السجناء باحترام لشخصهم وشرفهم، وتحظر صراحة التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. “لا يجوز ممارسة التعذيب الجسدي أو المعنوي، أو أي شكل آخر من أشكال الإكراه، على أسرى الحرب للحصول على معلومات منهم أياً كان نوعها” (اتفاقية جنيف الثالثة، المادة 17). ويعتبر هذا المبدأ أساسيًا لقانون النزاعات المسلحة، ويعكس التزامًا جماعيًا بالحفاظ على سلامة وإنسانية جميع الأفراد، حتى في أحلك الظروف.

في إطار التعاليم الإسلامية، تخضع معاملة الأسرى والسلوك أثناء الحرب لمبادئ تعطي الأولوية للرحمة والكرامة والحفاظ على الحياة، مما يعكس الاحترام العميق لحقوق الإنسان والحرب الأخلاقية. إن توجيهات النبي الأمي الكريم حبيبنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام واتم التسليم، كما وردت في تعليماته للصحابة و للمسلمين المنخرطين في المعارك، تؤكد الالتزام ليس فقط بحماية سلامة الأسرى، وضمان حصولهم على الغذاء الكافي، بل وأيضاً حماية البيئة والأبرياء. إن أمره الصريح، “لا تقطعوا شجرة، ولا تقتلوا امرأة، ولا صبيا، ولا رضيعا، ولا شيخا، ولا مريضا”،  كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أمَّر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: ( اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا )، كان رسولنا الحبيب الكريم يرسم باحترافية حدودا واضحة ضد الأعمال الهمجية ويسلط الضوء على الاعتراف المبكر بأهمية المبادئ الحديثة. يمكن وصفها بأنها قواعد الاشتباك و حصانة غير المقاتلين. وتتجلى هذه الروح أيضًا في رواية بريدة، حيث لخص توجيه النبي للقادة العسكريين نهجًا متوازنًا في الصراع الدعوة إلى الحرب في سبيل الله وفي سبيله، مع المنع الصارم للتجاوزات والغدر والتشويه والأذى. إلى غير المقاتلين. هذه التعليمات، التي حفظها البخاري وسجلها بدقة، لا تحدد فقط البوصلة الأخلاقية التي أرشدت الحرب الإسلامية، ولكنها أيضًا بمثابة تذكير خالد لأهمية الرحمة والصلاح والسلوك الأخلاقي في خضم الصراع، مما يضع معيارًا للمعاملة الإنسانية. الأسرى والسلوك في الحرب الذي يتجاوز الزمن والجغرافيا.

وعلى الرغم من هذه المعايير الراسخة، فإن سجلات التاريخ، بما في ذلك تاريخ السودان، شابتها حالات تم فيها انتهاك حقوق السجناء بشكل فاضح سنتعرض لها بشئ من الإيجاز غير المخل في سلسلة هذا المقال. إن هذه الفصول المظلمة بمثابة تذكير صارخ بضرورة اليقظة والمساءلة والمشاركة النشطة من قبل جميع أطراف النزاع لضمان أن مبادئ القانون الإنساني ليست مجرد مبادئ طموحة بل يتم تنفيذها بشكل فعال.

فإن معاملة أسرى الحرب والأشخاص المحتجزين في الصراعات المسلحة هي اختبار حقيقي لالتزام المجتمع الدولي بالمبادئ الإنسانية. وتوفر اتفاقيات جنيف، التي تكملها صكوك قانونية ومبادئ أخلاقية أخرى، إطارًا قويًا لحماية هؤلاء الأفراد. و يتعين على جميع الأطراف في النزاعات المسلحة استيعاب هذه المعايير وتنفيذها، بما يضمن أن الإنسانية هي التي تسود حتى في الحرب. وبينما نفكر في دروس التاريخ ونواجه تحديات الصراعات المعاصرة، تظل ضرورة حماية الضعفاء منارة نسترشد بها جهودنا الجماعية نحو عالم أكثر عدلا وإنسانية. فان الدواعش الجدد وممارساتهم ليست بالجديدة فهي امتداد لوصايا على عثمان محمد طه حينما كان يوصيهم في معاملة التجار المتهمين بالتجارة مع جنوب السودان فقال موصيا الاجهزة العسكرية والامنية وازرعهم الظاهرة و الخفيه قائلا: ( اضرب لتقتل)، كما ان أحمد هارون في جنوب كردفان جبال النوبة قال (امسح اكسح ما تجيبوا حي). اي حقد واي مرض هذا…..
نواصل…

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *