اخبار السودان

«الأطباء» يدخلون جنة ربيع النقابات بالسودان

بعد الصحفيين والدراميين، يقترب الأطباء من إنجاز نقابتهم المستقلة، للمدافعة عن المهنة، دون إغفال للدفاع عن القيم في ما يمكن وصفه بـ(ربيع النقابات في السودان).

التغيير : سارة تاج السر

بعد أكثر من ثلاثة عقود، تمكن الأطباء السودانيين من انتخاب لجنة تمهيدية، تتولي إعداد نسخة نهائية من الدستور، والدعوة لقيام جمعية عمومية، تمهيداً لإجراء انتخابات نقابة الأطباء في فترة زمنية من 3 إلى 6 شهور.

 ما بعد انقلاب 1989

استهدف قادة انقلاب 30 يونيو 1989، النقابات الشرعية وعلى رأسها نقابة الأطباء، فاعتقلت أعضاء اللجنة التنفيذية، بعد حلها، واغتيل دكتور علي فضل، وحكم بالإعدام على دكتور مأمون حسين ودكتور سيد بالسجن لمدة 15 عاماً ولاحقت باقي أعضاء اللجنة التنفيذية آنذاك .

وعينت حكومة الانقلاب، أعضاء منتمين للتنظيم لإحكام قبضتها على النقابة وفي عام 2004 و2010م تم تمرير قانوني الاتحادات المهنية الموحد، ونقابة المنشأة، على التوالي.

وفي يوليو 2012 تشكلت نقابة أطباء السودان الشرعية، وفي بداية العام 2016 تكونت لجنة أطباء السودان المركزية، وهي التي قادت إضراب النواب المشهور، كما رفعت مذكرة تطالب بتهيئة بيئة العمل.

وبحلول ديسمبر 2018 تكون مكتب الأطباء الموحد، من تنسيق المواقف حول الإضراب بين أجسام الأطباء المتمثلة في نقابة أطباء السودان الشرعية، لجنة الأطباء المركزية، لجنة الاستشاريين والاختصاصيين التي تشكلت لاحقا .

ما بعد ديسمبر

قال عضو لجنة الانتخابات المركزية، دكتور حسام الأمين لـ(التغيير) إن الأطباء إلى جانب إضرابهم الشهير الذي استمر 207 يوما حتى سقوط النظام، قدموا حياتهم فداء لتراب هذه الأرض، وسقط الشهيد دكتور بابكر عبد الحميد بسبب عبارة “أنا دكتور”.

وفي ميدان الاعتصام دار الحديث عن ضرورة قيام نقابة الأطباء والتحوّل من حالة الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية الانتخابية، واستمر النقاش بين أعضاء المكتب الموحد لشهور إلى أن قامت أول ورشة عملية لقيام النقابة في أغسطس 2019،وخلالها خاض الأطباء نقاشاً موسعاً حول مصير نقابتهم .

د. إحسان فقيري: انتخابات الأطباء دافع للحراك الثوري لأنها بمثابة مراقب للعملية الثورية والسياسية

وخلص النقاش، إلى تحديد النقاط الخلافية في دستور نقابة الأطباء لسنة 1971 تعديل 1987، بتكوين لجنة انتخابات تضم مناديباً من المكتب الموحد وأعضاء أخر نقابة منتخبة وقانوني يوكل لها المهام الأتية: (حصر الأطباء ودراسة التغيير الكبير الذي حدث في الهيئات والوحدات الانتخابية، كتابة لائحة إنتخابية مستنبطة من أخر دستور لنقابة الأطباء، الإشراف على تكوين اللجنة التمهيدية).

مهام التمهيدية

تتولي اللجنة التمهيدية مهمة إعداد نسخة نهائية من الدستور لعرضها في الجمعية العمومية لنقابة أطباء السودان، يتضمن ذلك التغييرات الكبيرة التي حدثت منذ عام 1986 وحتى العام 2020م، الدعوة للجمعية العمومية، تنفيذ كل المهام المنصوص عليها في دستور سنة 1987.

التغييرات والنقاط الخلافية

زيادة عدد الأطباء ومناطق عملهم (60 ألف/ مقارنة بآخر نقابة زيادة 10 أضعاف على الأقل)، ضمان تمثيل صغار الأطباء داخل النقابة من النقيب إلى اللجنة التنفيذية، (أكثر من 10 سنوات و أقل من 10 سنوات)، ضمان تمثيل أطباء الامتياز داخل اللجنة التنفيذية.

إلى جانب ضمان تمثيل الولايات/ الأقاليم بصورة عادلة، الهيئات الانتخابية للنقابة بالخارج، التمثيل النسبي وقوة المقعد( طبيب مقابل 20 أم طبيب لكل 30)، مسألة أطباء الأسنان، هل هم هيئة داخل النقابة أم لهم الحق في تحديد مصيرهم بأنفسهم.

كل هذه النقاط الخلافية إلى جانب تعقيدات دستورية متعلقة بإجازة قانون النقابات وإلغاء قانون الاتحادات المهنية وقانون المنشأة التي ظلت محور نقاشات لفترة طويلة، قبل أن يتفق الجميع إلى صيغ تراعي مصلحة الأطباء وترك هذا الأمر للحسم النهائي للجمعية العمومية المركزية للنقابة والشروع في تكوين اللجنة التمهيدية.

انتخابات مارس

في 13 مارس وبحضور 20 مراقباً من نقابة الصحفيين واللجنة التسييرية للمحامين ومنظمة العمل وجهات أخرى ومشاركة 228 طبيب وطبيبة بدأت إجراءات الجمعية العمومية بدار الأطباء بالخرطوم، وهم يمثلون قواعد بالتمثيل النسبي (كل طبيب يمثل 30 طبيب) مصعدين من هيئات أدنى.

وأكد دكتور حسام الأمين أن العدد لم يرتقْ إلى التمثيل الكامل حيث لا يزال هناك آلاف الأطباء لم يشاركوا في هذه الإجراءات.

دكتور حسام الأمين: من مصلحة الشارع التحول من حالة الشرعية الثورية إلى كليات ديمقراطية

اكتساح نسائي

وأعلنت لجنة الانتخابات عن فوز دكتورة هبة عمر إبراهيم، بمنصب رئيس اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، بعد حصولها على 86 صوتا، بفارق 31 صوتا عن أقرب المرشحين، والسيدة هبة هي طبيبة جراحة، إلى جانب كونها كادر ميداني يتولي معالجة المصابين في المواكب، وسبق واعتقلت في يناير 2019م قبل أن يطلق سراحها في مارس من نفس العام وهي أم لخمسة أطفال، علاوة على 8 سيدات أخريات في المكتب التنفيذي.

من الثورية إلى الانتخابات

أكد عضو لجنة الانتخابات دكتور حسام الأمين أن من مصلحة الشارع التحول من حالة الشرعية الثورية إلى حالة شرعية دستورية أو انتخابية وأن تتحول كل الأجسام المهنية والحرفية والعمالية ولجان المقاومة والأحزاب نفسها، إلى كليات ديمقراطية، وتوقع أن تحدث انتخابات الأطباء، نقلة في الفضاء المدني وأن تحمس لعملية البناء الديمقراطي من القواعد، لاسيما وان للأطباء إرثاً تاريخياً، وتولوا مناصباً رفيعة بما في ذلك رئاسة الوزارة، كما حالة دكتور الجزولي دفع الله.

من جانبها اعتبرت دكتورة إحسان فقيري عضو نقابة أطباء السودان الشرعية، أنه ورغم الخلافات الكبيرة بين الأجسام الثلاثة، تم انتخاب اللجنة التمهيدية.

وأكدت أن النقابة ليست كياناً سياسياً وإنما كياناً مهنياً يعمل على ترقية المهنة واستعادة الديمقراطية وتلبية مطالب الأطباء.

واعتبرت أن انتخابات اللجنة التمهيدية، دافع للحراك الثوري لأنها بمثابة مراقب للعملية الثورية والسياسية .

تحديات

عضو لجنة الانتخابات، حسام الأمين في حديثه لـ(التغيير) إقر بحدوث عزوف كبير من الأطباء في عمليات الحصر وقال: لجنة الانتخابات حصرت نحو  12 ألف طبيب، إلا أن الرقم بسيط مقارنة بالعدد الفعلي الذي يتجاوز 50 ألف طبيب في الداخل والخارج .

وفيما يتعلق بمرجعية تكوين النقابة اكد أنه ليس هنالك شرعية لأي جهة غير الجمعية العمومية والقواعد ودستور النقابة لسنة 71 تعديل 1987، هذا بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها السودان مثل اتفاقية 1987 التي وقعت عليها حكومة السودان في 2021 وقد صارت قانوناً ملزماً في سنة 2022.

مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية هي التي انطلق منها الصحفيين في تشكيل نقابتهم كما أعطت الأطباء ذات الحق لتكوين تنظيمهم النقابي دون الالتفات إلى الدولة التي تمثل سلطة الانقلاب مضيفاً “سيتم الاعتراف باللجنة التمهيدية والنقابة مستقبلاً حتى وأن بقى الانقلاب”.

وعددت عضو باللجنة التمهيدية المنتخبة فضلت حجب هويتها لدواعي تنظيمية في تصريح لـ(التغيير) التحديات التي سيواجهها الجسم المنتخب، في توحيد الأطباء بأجسامهم المتعددة، غياب الخبرات والوعي النقابي قسرياً لأكثر من 34 عاما، التغيير الذي حدث في الخارطة النقابية، إشكالات الهيكل الوظيفي، تدهور بيئة العمل، قضايا التدريب والأجور، تعديل دستور 1987 وفقا للمعطيات الآنية، انجاز المهام في الجدول الزمني المحدد.

وتوقعت أن تصطدم اللجنة المنتخبة بحكومة الانقلاب التي سترفض الاعتراف بالنقابة المقبلة.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *