اخبار

للصبر حدود ..فتحي صباح – سما الإخبارية

كل من يسألني عن حالنا وحال أهل غزة أجيبه قائلا: الحمد لله بخير.
لكن في الحقيقة نحن لسنا بخير.
نحن نخوض معاركنا اليومية مع عدم توفر الكهرباء والمياه الصالحة للشرب وتلك التي للاستخدام العادي، والانترنت وكل الخدمات البلدية والتجارية.
نخوض معارك مع الاسعار الجنونية وعدم توفر الاكل واللحوم والخضار والفواكة وغيرها الكثير مثل الملابس ومواد التنظيف وادوات المطبخ واجهزته التي سُرقت من كل المنازل التي نزح عنها اصحابها او دُمرت تحت الركام.
نخوض معارك عدم توفر المواصلات، وما هو متوفر أسعاره مرتفعة في شكل جنوني، ومعظم الاوقات تسير ٥ او ١٠ كيلومترات، او اكثر تحت الشمس القائظة.
نخوض معارك مع القلق والتوتر العالي والضغط المرتفع، وأصوات الانفجارات والقصف، وأصوات الطائرات المقاتلة والزنانات  (المسيرات او الدرون)، التي تزّن في رؤوسنا على مدار الساعة والدقيقة والثانية.
نخوض معاركنا اليومية مع عدم توفر فرص العمل، وعدم توفر اي دخل مادي، واغلاق البنوك والصرافات الآلية، وعدم توفر سيولة نقدية بالشيكل، وعدم توفر الدولار أصلا، الذي تم دفعه خارج غزة مقابل سلع او خدمات.
نخوض معاركنا مع عدم وجود خصوصية اطلاقا، فالخيام متلاصقة، ومراكز الايواء في المدارس قُسمت لغرف للرجال واخرى للنساء والاطفال، واذا كنت محظوظا ووجدت ملجئاً لدي قريب او نسيب او صديق فحصتك ستكون غرفة (أوضة) واحدة تنحشر فيها مع زوجتك وابناءك وبناتك.
كثيرة هي معاركنا اليومية، المستمرة منذ ٩ شهور، من دون اعتبار ولا مراعاة ولا رحمة من عدو ولا من شقيق ولا من صديق.
كل فرد من أهل غزة، رجلا كان ام امرأة او طفل أو شيخ عجوز، عبارة عن جبل، جبل الكرمل او جبل الجرمق او القرنطل، وهي جبال مرتفعة ومعروفة بشموخها وكبريائها وصلابتها.
لكن أرجو ان لا يغتر او ينخدع أحد ويعتقد ان هذه الصلابة والقدرة على الاحتمال والصبر والصمود لا حدود لها،  وليعلم الجميع انها قد تنفد اليوم او غدا او بعد غدٍ، وكما قالت أم كلثوم للصبر حدود، وهذا أمر طبيعي، لذلك يجب العمل على انهاء الحرب ووقف النار الأن وليس غدا وبأي ثمن، فليس هناك ما هو، ولا من هو أغلى من اي طفل او رجل او امرأة من اهل غزة المنسيين والمظلومين من البعيد والقريب.
اتقوا الله في الشعب المضطهد المعذب الذي ذاق العذاب ألوانا مختلفة، فكل فرد من أهل غزة يستحق التكريم والاحترام والتقدير والتبجيل لا ان يُعذب بهذه الطريقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *