اخبار المغرب

العدالة الإيكولوجية والحركات الخضراء .. البيئة تعزز السوسيولوجيا في المغرب

في سبيل الانشغال بالإيكولوجي والبيئي كمواضيع سوسيولوجية، أصدر مجموعة من الباحثين من تخصصات علمية مختلفة، يجمع بينهم الاهتمام بالمسألة البيئية والأزمة الإيكولوجية الراهنة، كتابا جماعيا بعنوان “العدالة الإيكولوجية والحركات الخضراء.. مقاربات سوسيولوجية”، ليشكل ثمرة للتعاون والتشارك “انطلاقا مما توفره العلوم الاجتماعية من أطر نظرية ونماذج تحليلية وتجارب بحثية”.

وبالنظر إلى “صعوبة الفصل بين الاجتماعي والبيئي في صيرورات تشكل الاجتماعي عبر التاريخ، ومسارات بناء الإيكولوجي”، فإن هذا الكتاب، الصادر عن “مؤسسة آفاق”، يحاول أن يعزز حضور هذا البراديغم الجديد في قلب البحث السوسيولوجي بالمغرب، لاسيما أن “التغيرات المناخية والتحول الإيكولوجي لا يقفان عند مجال البيئة وحدودها، وإنما يتعديان ذلك إلى الفعل في المؤسسات والبنيات الاجتماعية والثقافية”.

“انشغال قديم”

السوسيولوجي مولود أمغار، محرر الكتاب، الذي يقع في 200 صفحة، إلى جانب الأكاديمي زكريا الإبراهيمي، أفاد بأن الانشغال بموضوع العدالة الإيكولوجية يعود إلى عام 2019، حيث بدأت رحلة البحث بعنوان “حراك وحركات من أجل عدالة بيئية واجتماعية”، مسجلا أنه “فيما بعد، تم التعاون مع عدد من الباحثين والنشطاء في مجال البيئة لتوسيع آفاق التفكير في المشاكل البيئية. وهذا التوسع شمل مجموعة من المداخل للتعامل مع هذا الموضوع”.

وعدّد أمغار، في تصريحه لهسبريس، هذه المداخل المتمثلة في “الحيف البيئي، بيئة الفقراء، الصراعات البيئية، الصراعات حول الموارد الطبيعية مثل الماء، الحركات البيئية، النسوية البيئية، الهشاشة البيئية، الهجرة البيئية، والدين البيئي”، مبينا أن “كل ذلك جاء في سياق يعرف تغيرات مناخية عالمية تلقي بتأثيراتها الضارة على البيئة، والاقتصاد، وصحة الإنسان، والكائنات الحية الأخرى”.

وتابع أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاضي عياض بمراكش شارحا: “يُظهر اهتمامنا بالمساهمة، إلى جانب عدد من الباحثين في المغرب، بإنتاج معرفة حول العدالة الإيكولوجية إيماننا بأن تنوع المعارف واختلافها لا يمنحنا فقط القدرة على فهم شامل ومتسق؛ بل يمكننا أيضا من موقعنا المساهمة في إعادة تشكيل المجتمع بشكل أكثر مساواة وعدلا”، وزاد: “ندرك أن موضوع العدالة الإيكولوجية يتداخل فيه الأخلاق، والعلم، والسياسة”.

وقال المتحدث عينه إن “زيادة إنتاج المعرفة حول هذا الموضوع بشكل عام ستساهم في مساعدة السياسيين والنشطاء البيئيين على حل بعض المشاكل البيئية الراهنة، والتخفيف من حدة الأضرار الاجتماعية الناجمة عن التغيرات المناخية. ولهذا، يعد هذا الكتاب بداية لسلسلة من الأعمال التي سنصدرها قريبا ضمن “سلسلة سوسيولوجيا البيئة” تحت إشراف “مركز أوال للأبحاث والدراسات المعاصرة”.

ولفت إلى أن الهدف هو “تجميع جهود الباحثين في كتاب يمكن القارئ الوصول إليه بسهولة وفهمه بوضوح، وكذلك توفير مساحة لتبادل المعارف والخبرات والتجارب بين الباحثين من خلال الكتابة والتفاعل، فضلا عن التعرف على الموضوعات البيئية التي تثير اهتمامهم وتحديد الاتجاهات المستقبلية للأبحاث في هذا المجال، وكذلك خلق اهتمام معرفي وفضول علمي لدى باقي الباحثين، وخاصة الباحثين الناشئين، بالقضايا الإيكولوجية”.

“براديغم جديد”

في تقديم الكتاب أورد الباحثون أن “البنيات والممارسات الاجتماعية بقدر ما تفعل في الحياة الطبيعية وتشكلها، فهي تنفعل بها وتتأثر بتحولاتها في الوقت نفسه؛ فالتغيرات الاجتماعية لا تحدث على مستوى البنيات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحسب، بل تتجاوز ذلك إلى الفعل في البيئة وإنتاجها وإعادة إنتاجها، خاصة أن القاعدة التي بنيت عليها الحداثة الصناعية في صيغتها الغربية تأسست على تفضيل النمو الاقتصادي بدل الحفاظ على الموارد”.

وأثار محررو الكتاب الانتباه إلى أن التفكير السوسيولوجي في البيئة كان دائما محط نقاش إبيستمولوجي مهم بين الباحثين في السوق العلمية؛ يعتبر البعض أن السوسيولوجيا ومعها العلوم الاجتماعية لا يمكن أن تقدم ما يمكن أن يقارن مع وجاهة المعرفة التي تصدرها العلوم البيئية”، موضحين أن “الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا وعلم المناخ والجغرافيا والبيولوجيا وعلم التربة… لا تمتلك فقط مشروعية علمية في دراسة الطبيعة وظواهرها، وإنما تتوفر على ما يكفي من الأدوات العلمية لإنتاج معرفة موضوعية حول البيئة”.

وأبرزوا أن “البعض الآخر يعيب على السوسيولوجيا والأنثربولوجيا تأخرهما في الانتباه إلى الظواهر والمخاطر والأزمات الإيكولوجية كموضوعات خليقة بالنظر العلمي، وجديرة بأن تستدعى النظريات السوسيولوجية لدراستها”، مؤكدين في سياق متصل أن “التفكير في الإشكالات البيئية كبراديغم جديد يعتبر متأخرا إذا ما تمت مقارنته بالنظر في بعض الأفعال الاجتماعية التي يمكن وصفها تعسفا بالأفعال الاجتماعية الخالصة”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *