اخبار السودان

متطوع اعتقله الجيش.. محمد جمال يحكي لـ«التغيير» قصة «أصعب 72»

«جيمي» شاب متطوع لخدمة المرضى والمحتاجين رغم ظروف الحرب التي يعاني منها سكان العاصمة السودانية الخرطوم، لكنه وجد نفسه معتقلاً لدى الجيش ومتهماً بموالاة المليشيا.

التغيير الخرطوم: سارة تاج السر

قضى محمد جمال الشهير بـ«جيمي»، «72» ساعة في معتقل للقوات المسلحة السودانية، بيد أنها كانت رحلة طويلة، من الضرب بالسياط ولكمات الأيدي وركلات الأقدام، وتوجيه الإهانات وحلاقة الشعر والاتهام بالعمل مع استخبارات الدعم السريع، والوعيد الشديد بأن حرب الجيش القادمة ستكون ضد لجان المقاومة وقوى الثورة.

ومنذ اندلاع الصدام المسلح بين الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى، تعرّض كثير من الناشطين والمتطوعين وأعضاء لجان المقاومة ومدنيون آخرون للاعتقال من قبل طرفي الصراع.

تطوع إنساني

محمد جمال الشهير بـ«جيمي» هو أحد المتطوعين اللذين تم اعتقالهما مساء السبت السادس من مايو الماضي، بصحبة محمد أحمد «أوباما» على متن سيارة اسعاف، بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

«جيمي» تطوع في غرفة طوارئ بحري منذ اليوم الثاني للاشتباكات التي اندلعت بين الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي، وذلك بغرض تقديم وتسهيل الخدمات وتوفير الأدوية والمواد الغذائية للعالقين وإجلاء الموجودين في مناطق الاشتباكات وذلك في محيط أحياء «الشعبية، شمبات وحاج الصافي»، فضلا عن علاج الحالات الباردة والاسعافات الأولية.

وواصل تعاونه مع الكوادر الصحية بمستشفى حاج الصافي وقيادة عربة الإسعاف نسبة لعدم توفر سائق.

 

3 أيام كانت رحلة طويلة من الضرب بالسياط واللكمات بالأيدي والركل بالأقدام

اعتقال «72» ساعة

في ليلة السادس من مايو الماضي، بعد الفراغ من واجب إنساني يتعلق بتوزيع احتياجات لمستشفى الكلى بالصافية، وأثناء توجههما إلى مستشفى حاج الصافي، عند الساعة الحادية عشرة ليلاً لصف الاسعاف واستقلال سيارته الشخصية، تم توقيفهما في أحد ارتكازات الجيش، وسؤالهما: «ماشين وين وجايين من وين وشغالين مع منو؟».

هنا يقول محمد جمال في حديثه لـ«التغيير»: «لم نكن غريبين على عناصر الجيش التي استوقفتنا، ومررنا بهم أكثر من مرة وفي ذات الموقع، غير أنهم برروا خطوة التشدد الأمني بأنها إجراءات جديدة».

واخضع أفراد القوة، الاسعاف للتفتيش، وتابع «جيمي»: «أوضحنا لهم أننا متطوعين ولسنا اطباء، وأبرزنا إثبات الشخصية، فاتهمونا بسرقة السيارة، فسلمناهم عهدة الاسعاف ودفتر التسليم والتسلم، ورقم التواصل الخاص بالاسعاف المركزي ومستشفى حاج الصافي، إلا أنهم رفضوا الاتصال واتهمونا بالعمل في استخبارات “المليشيا المتمردة”».

وعلى متن سيارة «تاتشر» تم اقتياد جيمي وأوباما إلى معسكر للجيش بمنطقة شادول في الكدرو شمال بحري والتي وصلوها حوالي الحادية عشرة والنصف ليلاً، ليبدأ الاستجواب مصحوباً بالضرب بالسياط واللكمات والركلات.

من حققوا مع «جيمي وأوباما» توعدوهم بأن الحرب القادمة ستكون مع قوى الثورة بعد معركة الدعم السريع

تعذيب ووعيد

صباح الاثنين حاول جيمي وأوباما إثبات موقفهما دون استجابة، وتم احالتهما لمخزن دقيق داخل المعسكر للعمل مع بقية المعتقلين في نقل الجوالات.

أثناء عملهما تم استدعاء «أوباما» للاستجواب أولا، ثم تلاه «جيمي»، وتجدد الضرب مع القذف والسب، وقص الشعر والاتهام بتدمير البلد والتبعية للحرية والتغيير مرة ولاستخبارات الدعم السريع مرة أخرى.

وأشار «جيمي» إلى أن الأفراد الذين حققوا معهم، توعدوهم بأن «الحرب القادمة ستكون معهم بعد الانتهاء من معركتهم مع المتمردين».

حبسنا في زنزانة ضيقة بدون منفذ هواء بداخلها «85» شخصا

زنزانة و«85» معتقلاً

بقي أوباما وجيمي يومان في زنزانة ضيقة بدون منفذ هواء بداخلها «85» شخصاً أغلبهم قادمون من مناطق التعدين الأهلي، إلى جانب عمال في مزارع الفكي هاشم والكدرو والخوجلاب، إضافة إلى مواطنين من الولايات فقدوا الاتصال بذويهم، بعد مصادرة هواتفهم.

في اليوم الثالث، حوالي الساعة الرابعة عصراً، تم استدعاء جيمي وأوباما للاستجواب الأخير، وتم الإفراج عنهما وتسليم متعلقاتهما بينما رفضوا منحهم السيارة لكونها تابعة للاسعاف المركزي.

أكد جمال أن فترة الاعتقال المريرة كانت من أصعب المواقف التي مرت عليه، لكنه حين يتذكر بأن هناك من سيموت جوعاً أو عطشاً أو لانعدام جرعة دواء، يكون ذلك دافعه لمواصلة العمل في مساعدة وتخفيف معاناة الضحايا.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *