اخبار

لماذا يجب اغتيال السنوار؟ سما الإخبارية

في الوقت الذي تستعر فيه حمى القتل والتوحش الصهيوني داخل غزة إلى الحد الذي اصبح فيه قتل سبعمائة مواطن فلسطيني في اليوم شيئا عاديا، تستمر الحرب بأشكال ومحاور خلفية صامتة او غير ذات دخان، معارك لا تقل شراسة عن لهيب المدافع والصواريخ.

لا تواجه المقاومة الفلسطينية طائرات ودبابات وجنود الاحتلال فحسب بل هنالك جبهات مختلفة كلها تصب في محاولة إحداث الإختراق من ثغور مختلفة إلى الدرجة التي صرنا فيها نتساءل ما هي قوة هذه المقاومة لتحمل كل هــذه الاعباء؟ وإلى متى سيظل هؤلاء الأبطال يعانون وحدهم من كل هذا التحالف العالمي ضدهم ونحن نتفرج؟ ما هي غزة أصلا؟ هل هي قوة عظمى لم نكن نعلم عنها شيئا؟ هل تمتلك غزة طيرانا وبوارج حربية وفرقا عسكرية وأسلحة نووية؟ هل يعقل أن الطيران البريطاني المنحط ينضم للتحليق والتجسس مع نظرائه الأمريكان والصهاينة فوق بضعة كيلومترات مربعة في شمال غزة؟ ما هــذا بالضبط وما الذي يجري؟ هل أثارت غزة كل جنونكم إلى هذا الحد؟ هل من المعقول أننا كنا نعيش في سطوة اكاذيب قوتكم وهيمنتكم وعظم أسلحتكم وتقنياتكم يا سفلة التاريخ؟ إن المرء ليدهش حقا من تكالب الاحزاب على جسد المقاومة والشعب الفلسطيني ويكتشف مدى هشاشة وزيف كل التاريخ الذي يدعيه الغرب من أوله حتى آخره.
إن الهجمة والتحالف ضد المقاومة الفلسطينية ستدخل موسوعة (جينيس) المخصصة للانحطاط التاريخي في تشكيل أكبرعصابة تحالف عالمية بأقوى أسلحة ضد أصغر رقعة جغرافية بأضعف أسلحة، يمكن إيجاز محاور الضغط والحرب ضد المقاومة في النقاط الآتية :

هجمة إعلامية وتحريضية لا تقل خطورة عن الهجمة العسكرية وتأتي هذه الهجمات غربا وشرقا، عربيا تتكفل الجبهة الاعلامية العربية بهجمات من نوعية خاصة من عدد من دول العروبة، وفي هذه الهجمات يطل قرد او مسخ إعلامي من فئة مذيع، أو ممثل أو مرشد ديني أو اجتماعي أو قرد نكرة يمثل دور مواطن ساذج لكي يطعن ويشكك ويوخز في جسد الأمة ويرواد العقل عن عقله ويحاول إظهار شفقته على عدد الضحايا مقابل مكتسبات لا تذكر، طبعا لا يغيب عنكم بأن هذا القرد هو نائب وناطق غير رسمي بضمير النظام العربي الذي يمثله وما يُتَحَرج من قوله رسميا يتم توضيحه بصراحة من خلال أحاديث القرود والمسوخ ذوي المشدات أو الفكوك المتدلية.

حرب النيل من المقاومين حيث تتوارد أخبار وتقارير من مصادر ربما غير رسمية عن حبكات وضغوط عربية خفية على المقاومة بالاغتيال والاعتقال للاقارب ومضايقات يتعرض لها العابرون واذلال ممنهج للفلسطينين العابرين والمرضى ودفع رشاوى واجراءات إمتهانية معيبة لا تعكس حقيقة الشعوب العربية بقدر ما تعكس حقائق حول الأنظمة المسيطرة على الحكم وتعمل وفقا لأجندات ضد التحرر وضد الشعوب العربية، نستمع بدهشة لتقارير وتسريبات عن تحريض عربي لتوجيه ضربة قاصمة للبنان وربما اليمن والعراق، نستمع بدهشة أكبر لتقارير أيضا غير رسمية عن تحركات أمنية عربية لإلقاء القبض على بعض قيادات المقاومة غير العسكريين، كل هذه في مجملها تسمى حرب تحطيم المقاومين بالضغط على شعبهم وأقاربهم وأقرانهم.

الحرب النفسية على معنويات الشعوب من خلال لعبة رسم المصير وتقرير نهاية المعركة سلفا لتثبيط كل العزيمة، الحديث هنا عن التهجير والتمزيق الاجتماعي والترحيل القسري الى عدة دول والحديث عن ميزانيات وخطط يضعها الكونجرس الامريكي للشعب الفلسطيني، تهديدات باغتيال قيادات المقاومة ووضع جداول اغتيال بعيدة المدى.

تحويل غزة الى بيئة سـامة عدائية للحياة بكل مكوناتها معيشيا وصحيا وعلاجيا وحتى بلا اي امل بإقامة عادية، ان قصف المشافي واستهداف الاطفال والنساء واستمرار الضغط والاعتقالات ومسلسل القتل اليومي في الضفة يهدف الى تحقيق هذه الفكرة، كل هذه المجزرة تجري على سعة المسرح الفلسطيني في الوقت الذي يُظهِر فيه الجنرالات العرب كامل التعقل وصرامة البحث عن السلام والتشدد في التصريح بأن غزة تتعرض للقصف ويجب إيقاف القتال وتفسير ذلك بأن الماء هو مجرد ماء !

إن المقاومة الفلسطينية لم تخطط ولم ترسم مسار المعركة التنبؤي وفقا لتصور خارق للعادة، كل ما فعلته فقط هو العمل ضمن برنامجها كمقاومة بنزاهة واخلاص وأخلاقيات حقيقية وما قامت به في دورها هو الصمود الذي تكفل برسم خارطة كاملة للاحداث وتحقيق مكتسبات غير متوقعة، ان صمود المقاومة تسبب في كشف حقائق وانهيار أنظمة دارجة وحقائق تساقطت مثل الدومينو وعندما نشاهد مجريات المعركة ضمن المساق الذي نشاهده فعلينا بأن نفهم مرة أخرى نفس الحقيقة التي توصلت إليها الجولة الأولى من المعركة وهي ان العدو أفلس وفقد صوابه ولا يوجد شيء في جعبته بعد تجريب كل أداوت القوة والسياسة ضد المقاومة، عندما تشاهدون هذا المستوى من الإجرام في القصف وسكب الجحيم فوق المساكن والأبرياء فاعلموا أن هؤلاء المجرمين نالوا حظا كبيرا من الخسارة، وعندما يصرحون ويهددون بمطاردة واغتيال القيادات فقد وصل بهم الفلس موضعا حرجا، وفي هذا الصدد اسمحوا لي بإيجاز الكلام في النقاط الآتية ضمن هذا الإطار :

ان الاعلان عن استهداف السنوار أو الضيف والقيادات هو مجرد لعب ساذج على عقول الشعوب العربية تماما كما هي لعبة اعلان الحرب على حماس أو الجهاد أو (الإرهابيين )، إن لعبة حصر العداوة هذه تهدف الى تحييد الكتلة الاكبر من الثقل المعنوي وحذفها من المعركة وذلك بإظهار المعركة بأنها بين فريق (عدائي ) من الشعب الفلسطيني وليس كل الشعب، إن المستهدف الحقيقي لهذه الحرب أكبر من الشعب الفلسطيني وهو المواطن العربي في كل مكان بلا أية مواربة.

إن ثبات المقاومة الفلسطينية مرهون بعدة عوامل يسعى العدو على الاشتغال عليها كلها في نفس التوقيت وهي : الثبات المعنوي لأهالي القطاع وتمسكهم بالمقاومة – استقلالية السلاح الفلسطيني والاستعداد الجيد طيلة السنوات السابقة – الايمان المطلق بعدالة ومستحقات القضية الفلسطينية والدفاع عن ثوابت الأمة ومقدساتها ورموزها الكبرى –وقفات الشعوب العربية والعالمية مع الشعب الفلسطيني ولا يمكن التقليل من الدور البطولي للبنان واليمن والعراق في تعزيز صمود المقاومة.

ان انجازات المقاومة بعد الهدنة تناسبت طرديا مع شراسة الهجمة ومستوى البطولة فاق كل وصف، لقد حققت المقاومة في الشوط الأول من المعركة انتصارات عسكرية وأخلاقية وإعلامية من الفئة العليا وعندما دخل العدو في الجولة الثانية بعد الهدنة نال نصيبا أكبر من الضربات والخسائر البشرية والمادية.

ان يحيى السنوار والضيف وسائر القيادات الميدانية للمعركة وضعت في عين التاريخ تجديدا لنوعية متفردة من القيادات الفكرية والإنسانية بعد قسط طويل من الرقود والترهل القيادي وسقوط نماذج قيادية كبيرة على مستوى العالم، إن التجديد الاخلاقي الذي اطلعت به القيادة الفسطينية تركت أثرا عالميا نوعيا غير مسبوق وتحول السنوار والضيف وأبو عبيدة الى أسطورة ولم يعد يهم ما بعد ذلك فحقوق النصر والمجد محفوظة سلفا.

يحيى السنوار ليس خريجا لكليات عسكرية ولا معاهد حربية، إنه خريج كلية المقاومة الفلسطينية حيث الشرف والانتماء والخلق الإسلامي الرفيع، خريج مدرسة الأسر التي كان الهدف منها إنتاج شخصيات محطمة لكنها صنعت شخصيات فولاذية تدرك مدى حقارة ووضاعة هذا العدو والطرق الصحيحة لإيلامه والتعاطي معه.

إن هذه الحرب الاجرامية لا يمكن أن تطول لأكثر من أيام أو أسبوع لأسباب كثيرة، تصريحات وزير الدفاع الأمريكي (لويد أوستن ) والرئيس الفرنسي (ماكرون ) التي تمهد لتقبل الهزيمة للكيان ليست بريئة ولا مجانية بل هي الاستعداد القبولي للهزيمة على كل المحاور، يدرك قادة العدو أيضا بأن جبهة الضفة تحت التجهيز ضد الاحتلال والخزان الانفجاري داخل الضفة لا يقل خطورة عن ذلك في غزة ولم يعد يحتمل الكتمان أكثر، لقد فشلت تماما سياسة القبضة الحديدية والتزمت في التعاطي السياسي.

ان تحرير الاسرى المحجوزين في قبضة المقاومة هو مقتل أساسي في مستقبل وسلوك المجرم نتانياهو وعامل جذري في إخماد هذه الحرب وركوع المذكور وعصابته.

لقد تحولت معركة غزة وطوفان الاقصى الى نظارة للرؤية، نظارة كاشفة عرت واظهرت بواطن عديدة، نظارة لرؤية ما يفعله الغرب بنا وبهذا العالم، نظارة لرؤية قبح الرأسمالية الغربية وجرائم البنوك، نظارة لرؤية ثلاثة أشكال من الصهيونية الوجودية : الصهيونية اليهودية – الصهيونية الغربية المسيحية – الصهيونية العربية المدعية الإسلامية.

لقد أفلت السنوار والضيف وكل القيادات من أيديكم، بل لقد أفلت التاريخ من أيديكم وفاتتكم فرصة البقاء في عرش الظلم والاستعلاء وتكرار إثبات سطوتكم على هذا العالم، يحيى السنوار دخل التاريخ من أوسع أبوابه مهما حصل له أو مهما حاولتم فعله، في الوقت الذي يركض فيه بايدن وبلينكن ونتانياهو وسوناكياهو وجماعة العرب ياهو إلى أقرب بالوعة صغيرة من التاريخ، هل غزة دولة عظمى كما تساءلنا في مطلع الحديث؟ نعم لقد تحولت غزة إلى دولة عظمى لأن الأحزاب منحوها هذا اللقب بإجرامهم وعظم وحشيتهم وهمجيتهم ولذلك فهي أعظم منهم جميعا لأنها صمدت حيالهم جميعا، غزة سوف تنتصر، الشعب في غزة سيخرج رافعا علامة النصر ودموع الفرح ستمسح كل الالام، الأبطال في اليمن ولبنان سيخرجون مهللين مكبرين وستفرح كل شعوب العرب بنصر الله الكبير، وإن غدا لناظره لقريب.

كاتب عربي فلسطيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *