اخبار المغرب

ندوة بكلية تازة تناقش الأزمات في المغرب والمنطقة العربية كمعطى بنيوي يتطلب سياسة استباقية

يبدو أن العالم قد ولج تماما عصر الأزمات، ما يقتضي تعاملا مختلفا عما ألفته الدول والجماعات، بما في ذلك المغرب والمنطقة العربية، يأخذ التهديدات والمخاطر والكوارث، سواء القائمة منها أو المحتملة الوقوع، على محمل الجد في وضع السياسات وتنفيذها، كون الأزمات صارت معطى بنيويا في الواقع الطبيعي والإنساني، ما يقتضي من المغرب تطوير سياسة استباقية ومتكاملة لمواجهتها.

كانت هذه الخلاصة الرئيسية التي أسفرت عنها الندوة الدولية التي انعقدت في الكلية متعددة التخصصات تازة حول “الدولة في مواجهة الأزمات: حالة المنطقة العربية”، بدعم من المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، والمجلس الجماعي لمدينة تازة، والمجلس الإقليمي لعمالة تازة، علاوة على هيئات علمية وبحثية شريكة.

عميد الكلية، حسن بوكى، قال خلال افتتاحه أشغال الندوة إن الأزمات “باتت السمة الرئيسية للحياة الدولية المعاصرة”، متحدثا عما أسماه “عصر الأزمات”، حيث عرف المجتمع الدولي خلال العقود الأخيرة، “تداخلا وتفاعلا كبيرين، خاصة في ظل سياق دولي يتسم بالعولمة، والتأثيرات المتبادلة، مما يؤدي إلى سهولة انتشار الأزمات، وتوسعها لتشكل تهديدا للسلم والأمن الإقليمي والدولي”. واعتبر بوكى أن من أبرز المؤشرات على عصر الأزمات “ما عرفه العالم مؤخرا من انتشار وباء كوفيد 19، والحرب الروسية الأوكرانية، علاوة على نتائج التغيرات المناخية”.

وأضاف عميد الكلية، في الندوة التي عرفت مشاركة باحثين من جل الجامعات المغربية وباحثين مغاربة في الخارج، إن مسألة تدبير الأزمات تتحدد “بالقدرة على صناعة القرار واتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب مما يفرض توفر مهارات، واستحضار مجموعة من الرهانات، وقراءة جيدة للسيناريوهات المحتملة، حتى لا يصير التدبير السيء للأزمة عائقا أمام صانع القرار، وقد يكلف فاتورة باهظة على حساب المصالح والرهانات الموضوعة سلفا”.

ورغم تنوع المداخلات التي غطت أزمات عديدة، في محاولة لضبط وتحديد حقل الأزمات، إلا أنها أجمعت على الحاجة إلى تطوير الدول، ومنها المغرب، لقدراته واستعداداته وقابليته لمواجهة الأزمات، سواء التي تعاني منها المنطقة اليوم أو تلك التي يحتمل أن تقع في المدى القريب والمتوسط أو البعيد. في هذا السياق، قال عباس بوغالم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الأول وجدة، إن العالم اليوم يواجه “سلسلة من الأزمات المترابطة، كل أزمة منها تؤدي إلى أزمة أو أزمات، تهدد الاستقرار والأمن، وتنبئ بمزيد من التوترات السياسية. وأضاف بوغالم “نحن أمام أزمات متصلة ببعضها، وتولد أزمات أخرى، فالتغيرات المناخية تولد مخاطر الجفاف وغيره، والجفاف يؤدي إلى أزمات على صعيد الأمن الغذائي والمائي والصحي، وهكذا”، مشيرا إلى أن تلك الأزمات تتعمق أكثر “بفعل الصراعات الدولية الحادة بين القوى الكبرى، ما ينعكس سلبا على الدول الصاعدة والنامية، ويزيد من مآسي الدول الهشة”. واعتبر بوغالم أن مواجهة الأزمات المعاصرة تفرض “تعزيز الجبهة الداخلية بين الدولة والمجتمع، وهو ما يقتضي تعزيز المسار الديمقراطي، وحقوق الإنسان، وتقوية الحكامة والشفافية، وتطوير البحث العلمي لمواكبة هذه التحولات، بما في ذلك الجامعات”. مؤكدا “على المقاربة الاستباقية لمواجهة كافة الأزمات والمخاطر”.

المصدر: اليوم 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *