اخبار الإمارات

الذهب يقفز لأعلى مستوياته في تاريخه متجاوزاً 2200 دولار

فاجأ سوق الذهب الكثيرين بأدائه المذهل خلال الأشهر القليلة الماضية من خلال تسجيله لمستويات قياسية جديدة، واستطاع أن يكسر الحاجز النفسي 2200 دولار وسط تفاؤل الكثيرين باستمرار الزخم الصعودي.

ومع نهاية الربع الأول من عام 2024 حقق الذهب مكاسب فصلية بلغت 7.8% مسجلًا ثاني ارتفاع فصلي على التوالي، كما ارتفع في شهر مارس بنحو 9.3% لثاني شهر على التوالي مسجلًا أكبر ارتفاع شهري منذ يوليو 2020، ومن المتوقع أن يستمر في تسجيل مستويات قياسية جديدة، وقد يتطلع إلى الارتفاع إلى 3000 دولار بحلول نهاية عام 2024.

لقد كان سبب ارتفاع أسعار تداول الذهب هو إشارة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة، إن التوقعات بخفض أسعار الفائدة تجعل الأدوات المالية أقل جاذبية للمستثمرين مقارنة بالذهب مما يؤدي إلى زيادة مشتريات اللون الأصفر وارتفاع الأسعار.

كما أدى ارتفاع المخاطر الجيوسياسية والشراء من قبل البنوك المركزية بقيادة الصين إلى زيادة أسعار الذهب، ومع عدم وجود نهاية في الأفق للحرب الروسية الأوكرانية وامتداد الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس إلى منطقة البحر الأحمر، ينظر المستثمرون إلى الذهب باعتباره أصلًا جذابًا آمنًا وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي.

لماذا ارتفع الذهب في الربع الأول؟

يقول بعض المحللين إن الذهب يجذب زخمًا جديدًا لأن التضخم أصبح أقل تهديدًا مما كان عليه من قبل، وقد أشار البنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه الأخير في الأسبوع الماضي إلى أنه لا يزال يبحث عن ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام حتى مع بقاء التضخم فوق هدفه البالغ 2%.

يرى أحد الخبراء أن ارتفاع الذهب هو إشارة إلى قلق المستثمرين من أن البنك الاحتياطي الفيدرالي لن يتمكن من السيطرة على التضخم عندما يبدأ في خفض أسعار الفائدة، كما يعتقد أن الذهب مدعوم جيدًا كأداة للتحوط من المخاطر الجيوسياسية، وقال: أن المخاوف الجيوسياسية لا تزال قائمة وستستمر في النمو مع اقترابنا من الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، إذا بدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة فسوف تنخفض عائدات السندات مما يجعل الذهب ملاذًا آمنًا أكثر جاذبية.

وفي الوقت نفسه، يشير بعض المحللين إلى أن الدولار الأمريكي يفقد قبضته على سوق الذهب مع استمرار ديون الحكومة الأمريكية في الارتفاع، فالحقيقة هي أن الدولار الأمريكي رخيص حيث تغمر الحكومة الاقتصاد العالمي به.

على الرغم من أن البنك الاحتياطي الفيدرالي يقوم بتشديد ميزانيته العمومية كجزء من سياسته النقدية العدوانية، فقد لاحظ بعض المحللين أن المعروض النقدي في البلاد مستمر في النمو، فوفقًا لمقياس Money Zero Maturity (MZM) فإن القاعدة النفدية للولايات المتحدة ارتفعت بنسبة 10% تقريبًا منذ مارس 2023.

وبغض النظر عما يدفع الذهب إلي أعلي مستوياته القياسية فإن أغلب المحللين يتوقعون أن يكون ذلك مجرد بداية الارتفاع، وعلى الرغم من الارتفاع التاريخي للذهب فإن قطاع المعادن الثمينة لا يزال يتم تجاهله في السوق الأوسع، وعلى الرغم من انخفاض قطاع التعدين عن أدنى مستوياته إلا أنه لا يزال مقومًا بأقل من قيمته بشكل كبير مقارنة بأسعار الذهب.

وعلى الرغم من تفاؤل الكثيرين بشأن الذهب، إلا أن خبراء السوق ينصحوا المتداولين بانتظار التراجع قبل القفز في السوق، وأشاروا إلي أنه يبدو أن هناك بعض الدعم الأولى عند 2150 دولار والذى قد يجذب البعض للشراء.

وقال رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك “أولي هانسن” إنه يتوقع أن يتمتع سوق الذهب بمزيد من الإمكانات الصعودية، وأضاف أن الأمر أكثر من مجرد الزخم الذي يدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع، وقال: إن قدرة الذهب المستمرة على تحمل الرياح المعاكسة الناجمة عن تحركات الدولار والعوائد مثيرة للإعجاب وتسلط الضوء على السوق الذي يواصل جذب الطلب، مما يجعل مهمة صناديق التحوط سهلة نسبيًا للدفاع عن مراكزها الطويلة الضخمة.

على الرغم من قوة الذهب في الوقت الحالي إلا أن التوقعات المستقبلية للمعدن الأصفر ستعتمد بشكل رئيسي على البيانات الاقتصادية القادمة وتصريحات مسؤولي السياسة النقدية الأمريكية، حيث أن أرقام التوظيف القوية إلى جانب التضخم العنيد قد يجبر البنك الاحتياطي الفيدرالي على تأجيل بداية دورة التيسير التي تقترب.

مع استمرار حالة عدم اليقين حتى نهاية العام، ما هي العوامل التي ستؤثر على الذهب في بقية عام 2024؟

1 .معركة البنك الاحتياطي الفيدرالي ضد التضخم 

ستكون المعركة ضد التضخم إحدى القصص الحاسمة التي تؤثر على سعر الذهب في عام 2024، أبقى البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة عند 5.25% إلى 5.5% في اجتماعه الأخير الذي تم عقده في مارس، والإجماع الواسع هو أن البنك المركزي قد انتهى الآن من رفع أسعار الفائدة، ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أنه سيعكس مساره على الفور، حيث تظهر أحدث بيانات التضخم زيادة بنسبة 3.1% في مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي، ولا يزال البنك المركزي بعيدًا عن هدف التضخم البالغ 2%، يشير أحدث مخطط نقطي (والذي يوضح الاتجاه الذي يعتقد كل مسؤول في البنك الاحتياطي الفيدرالي إلي أين ستتجه سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية) إلى ثلاثة تخفيضات على الأقل في أسعار الفائدة في عام 2024، على افتراض أن كل منها يبلغ 25 نقطة أساس.

على الرغم من أن أداء الذهب كان جيدًا في بيئة المعدلات المرتفعة لعام 2023، إلا أنه يميل إلى تحقيق أداء أفضل عندما تكون المعدلات أقل، ولهذا السبب، يعتقد العديد من مراقبي السوق أن الذهب سيتحرك نحو الأعلى عندما يعكس بنك الاحتياطي الفيدرالي مساره.
ومع ذلك، هناك سؤال رئيسي آخر هو ما إذا كان البنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون قادرا على كبح التضخم دون التسبب في الركود، في بداية عام 2023 كان المحللون يتوقعون حدوث ركود معتدل إلى حاد، ولكن مع استمرار الاقتصاد الأمريكي في إظهار القوة، انقسمت الآراء حول ما إذا كان عام 2024 سيجلب هبوطًا ناعمًا أو نتيجة أقسى.

يقول استراتيجي السوق في الأمريكتين في مجلس الذهب العالمي “جو كافاتوني”: يشير السوق حاليًا إلى أن توقعات التضخم تتضاءل وأنه قد يكون هناك احتمال متزايد لخفض أسعار الفائدة في الجزء الثاني من العام، وأضاف أن العامل الأكثر أهمية الذي يجب مراقبته حتى عام 2024 هو اتجاهات أسعار الفائدة، وستكون العوامل المؤثرة هي قوة / ضعف الدولار الأمريكي واتجاه التضخم والمستوى الناتج لأسعار الفائدة الحقيقية.

2 .الجغرافيا السياسية ومشتريات البنوك المركزية 

كما ذكرنا من قبل، فإن أسعار الفائدة المرتفعة ليست جيدة عادة للذهب، لكن المعدن الثمين خالف هذا الاتجاه في عام 2023، حيث ارتفع إلى مستوى قياسي جديد يزيد عن 2150 دولار للأونصة في أوائل ديسمبر.

وتؤثر العوامل الجيوسياسية الحالية أيضًا على أسعار المعدن، بما في ذلك الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا والصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس، وقد دفعت هذه العوامل المستثمرين الأفراد إلى البحث عن ملاذ آمن في المعدن الأصفر، وانضمت إليهم البنوك المركزية التي تسير على الطريق الصحيح لتسجيل رقم قياسي لمشتريات الذهب السنوية.

وقد أشارت البنوك المركزية إلى أن دوافعها للاحتفاظ بالذهب تشمل أداء الأصل في أوقات الأزمات ودوره كمخزن طويل الأجل للقيمة والتحوط من التضخم وسيولته وكيف أنه وسيلة فعالة لتنويع المحفظة والتحوط ضد المخاطر الجيوسياسية.

إلى أي مدى سيصل سعر الذهب؟

لفهم المدى الذي يمكن أن يرتفع فيه سعر الذهب، من المهم معرفة سبب وصوله مؤخرًا إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.

يعزو تقرير حديث لجيه بي مورغان ارتفاع أسعار الذهب إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك زيادة المشتريات من البنوك المركزية وتزايد المخاوف بشأن الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية والتضخم والتخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة من البنك الاحتياطي الفيدرالي.

من المؤكد أن الاقتصاديين ومحللي المعادن الثمينة يتفقون إلى حد كبير على أن عدم اليقين في العديد من القطاعات يقود الهروب إلى الذهب، فكلما زاد شعور الناس بالتوتر أو عدم اليقين كلما زاد النظر إلى الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا، الحقيقة هي أننا محاطون بحالة من عدم اليقين ولدينا جزء من التضخم والتوتر في جميع أنحاء العالم وعام الانتخابات وأسعار الفائدة المرتفعة، وكلها تعمل على إدامة تدفق الأموال إلى الذهب.

يقول أحد الخبراء البارزين لسوق السلع: إن الارتفاع الأخير في أسعار الذهب مدفوع في المقام الأول بالتكهنات المتزايدة بخفض سعر الفائدة بداية من شهر يونيو القادم، بالإضافة إلى تصريحات رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” في اجتماعه الأخير لشهر مارس حيث أكد على أن اللجنة تسعي إلى خفض سعر الفائدة ثلاث مرات في 2024، لقد عززت ظروف السوق هذه الطلب على الذهب بينما قللت الطلب على السلع الأخرى، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع مستوى الثقة في الأصول مثل الذهب والفضة والماس مقارنة بخيارات الاستثمار الأخرى.

ويضيف: أتوقع أن تكون أسعار الذهب متقلبة قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أبريل، وحتى ذلك الوقت، أعتقد أن السعر قد يتحرك في نطاق يتراوح بين 2140 دولار و2200 دولار. 

هل من الجيد الاستثمار في الذهب في 2024؟

يبدو أن عام 2024 سيكون عامًا آخر من عدم اليقين، وسيحرص المستثمرون على شراء الذهب مع استمرار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط ومع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن التضخم المرتفع والأفكار المتضاربة بشأن الاتجاه الذي تتجه إليه أسعار الفائدة تدفع التوقعات للذهب في اتجاهين متعاكسين.
وهذا يخلق تحديات لشركات الذهب أيضًا، من ناحية، فإن أوضاعهم المالية قوية حيث أنهم يحصدون ثمار بيئة أسعار الذهب المرتفعة اليوم، ومن ناحية أخرى، فإنهم يواجهون ضغوطا تضخمية وارتفاع أسعار الفائدة.

بالنظر إلى النصف الثاني من عام 2024، حدد المحللون عاملين إضافيين قد يدفعان الذهب إلى الارتفاع، وكتبوا: أولاً، من المرجح أن تعمل الحملات الانتخابية الرئاسية الأمريكية على تسليط الضوء على مستويات الديون المفرطة في الولايات المتحدة، وستكون المخاوف المتزايدة بشأن الاستدامة المالية الأمريكية مفيدة للذهب، ثانيًا، نعتقد أن المخاطر الجيوسياسية ستظل مرتفعة وأي تدهور في العلاقات بين القوى الكبرى سيعطي انحرافًا صعوديًا لأسعار الذهب.

مع كل ما سبق، يرى العديد من مراقبي سوق الذهب فرصًا للدخول في قطاع تم تجاهله إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، كما هو الحال دائمًا، من المهم بالنسبة للمستثمرين بذل العناية الواجبة وفهم المخاطر سواء ذهبوا إلى الملاذ الآمن للذهب المادي أو يسعون إلى تحقيق عوائد أعلى في أسهم الذهب.

 

المصدر: الإمارات اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *