اخبار المغرب

تذيل التعليم المغربي لتصنيف أمريكي يثير الجدل بشأن المصداقية والمعايير

أثار التصنيف الأخير الذي بوأ فيه موقع “إنسايدر مانكي” الأمريكي، المتخصص في التصنيفات والتحليلات المالية، المملكة المغربية في الرتبة الـ154 عالميا في مؤشر التعليم العالمي، الذي أعده اعتمادا على مؤشرات مرتبطة بعدد الجامعات المصنفة في كل دولة ضمن أفضل 1000 جامعة في العالم، ومؤشر نصيب الفرد من الإنفاق الحكومي على التعليم، جدلا كبيرا في أوساط المهتمين بالشأن التربوي والتعليمي، الذين انتقدوا هذا التصنيف الذي قالوا إنه يفتقر إلى المصداقية العلمية والضوابط المنهجية المعتمدة في هكذا تصنيفات.

في هذا الإطار قال خالد الصمدي، خبير أكاديمي وكاتب الدولة للتعليم العالي سابقا، إن “المنصة التي أعدت هذا التصنيف هي أولا منصة متخصصة في الاقتصاد والاستثمار، ولا علاقة لها مطلقا بقضايا التعليم، ثم إن التصنيفات الدولية المعتمدة تصدر عن مؤسسات محترمة وموثوقة، وتعتمد على معايير علمية وأكاديمية وتصدر في الغالب في شهر شتنبر، على غرار تصنيف كيو إس وتصنيف شنغهاي”.

وأضاف الصمدي، في تصريح لهسبريس، أن “صدور هذا التصنيف عن مؤسسة اقتصادية واستثمارية يطرح العديد من التساؤلات، إذ يبدو أن الغرض الأساسي ليس هو الحكم على جودة التعليم، وإنما البحث عن فرص للاستثمار في المجال، لأن القول إن دولة ما متأخرة على مستوى الإنفاق الحكومي على هذا المستوى يعني أن بها فرصا كبيرة للاستثمار”.

وانتقد الصمدي المعايير والمؤشرات التي اعتمدها “إنسايدر مانكي” لوضع هذا التصنيف، إذ أورد أن “اعتماد معيار تصنيف الجامعات بحسب العدد وليس النسبة غير علمي البتة، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقارن استنادا إلى معيار العدد دولة تضم عددا كبيرا من الجامعات ودخلت حتى 10 منها إلى قائمة أفضل الجامعات في العالم مع دولة أخرى لا تضم سوى عدد قليل من الجامعات، ودخلت منها جامعة أو جامعتان لهاته القائمة، وبالتالي فإن المعيار العلمي الذي يجب اعتماده هنا هو النسبة وليس العدد، وهذا خلل علمي وقع فيه هذا الموقع”.

وبين المتحدث ذاته أن “اعتماد الموقع ذاته على مؤشر الإنفاق على التعليم بحسب الناتج الداخلي الخام يبقى هو الآخر غير دقيق، لأننا لا نستطيع اللحاق في هذا الصدد بالدول ذات الدخل المرتفع، على غرار الدول النفطية”، وزاد: “ثم إن اعتماد هذا المعيار لا يمكن أن نقيس به جودة التعليم، لأننا قد نجد ارتفاعا في الإنفاق لدى بعض الدول ولا ينعكس ذلك بالضرورة على جودة منظومتها التربوية”.

من جهته أكد عبد الناصر ناجي، خبير تربوي رئيس مؤسسة “أماكن” لجودة التربية والتكوين، أن “الاهتمام الكبير الذي تحظى بها التصنيفات الدولية ذات الصلة يدفع بعض المؤسسات غير المختصة إلى التطفل على هذا المجال”، موضحا أن “التصنيفات العالمية المعتمدة حين تريد تصنيف المنظومات التربوية فإنها تقوم بذلك بناء على تقييم مكتسبات المتمدرس، كما هو الحال بالنسبة لتصنيف بيزا على سبيل المثال، في حين أن التصنيفات التي تهم التعليم العالي تكتفي بترتيب الجامعات بناء على مجموعة من المعايير الدقيقة والموضوعية”.

وأشار ناجي ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى أن “التصنيف الذي أعده الموقع الأمريكي، الذي أثار جدلا، اعتمد آليات ومؤشرات جعلت المغرب في الرتبة 154 عالميا بعد مجموعة من الدول التي لا يمكن لأحد يجادل في تخلفها عن المملكة على هذا المستوى، إذ اعتمد على ثلاثة مؤشرات، وهي عدد الجامعات المصنفة ضمن أفضل 1000 جامعة في تصنيف كيو إس، ومتوسط ترتيب الجامعات المصنفة ضمن أفضل 1000 جامعة، ونصيب الفرد من الإنفاق العمومي على التعليم”.

وزاد المتحدث ذاته شارحا :”قام هذا الموقع أولا بترتيب الدول حسب المؤشر الأول، وفي حالة التساوي بين دولتين يلجأ إلى المؤشر الثاني، وعند التساوي مرة أخرى ينتقل إلى اعتماد مؤشر نصيب الفرد من الإنفاق العمومي على التعليم، وهذا يعني أن هذا التصنيف اعتمد تراتبية انتقائية خارج أي ضوابط منهجية أو علمية دقيقة”.

وخلص الخبير ذاته إلى أن “هذه التراتبية المعتمدة أفرزت تفوق البلدان التي تتوفر على أكبر عدد من الجامعات ضمن الألف جامعة الأولى في تصنيف كيو إس، وهو خطأ منهجي سبق أن طالته مجموعة من التحذيرات بشأن عدم صوابه وموضوعيته من قبل العديد من المهتمين”، وتساءل: “ثم كيف لدول تتربع على عرش التقييمات الدولية، كسنغافورة وبعض الدول الاسكندينافية، أن تتقدم عليها دول كلبنان وجنوب إفريقيا؟”، داعيا في الوقت ذاته إلى “توخي الحذر في التعامل مع مثل هذه التصنيفات”، دون أن ينفي وجود مجموعة من النواقص التي تعتري المنظومة التربوية المغربية، ويجب العمل على تجاوزها.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *