اخبار السودان

تأشيرة الدخول إلى مصر للسودانيين: لماذا المفاجأة؟ والاستغراب؟

رشا عوض

رشا عوض

صحيح ان قرار اشتراط الحصول على تأشيرة دخول للسودانيين دون استثناء النساء والاطفال تحت ١٦ سنة والرجال فوق الخمسين كما كان في السابق سيغلق باب نجاة من جحيم الحرب في وجوه كثير من السودانيين وهذا محزن بلا شك!
ولكنني توقعت بل كنت متأكدة من ان الحكومة المصرية يستحيل ان تفتح الطريق لسيل بشري قل يصل إلى ملايين البشر في ظل كارثة السودان التي يمكن أن تمضي في طريق سوريا واليمن حال عدم تداركها بإرادة وطنية ودولية حقيقية وصارمة.

الدروس المستفادة:
اكبر وأقوى حقيقة موضوعية في عالمنا المعاصر هي الدولة الوطنية بحدودها السياسية، إذ هي المكان الوحيد المسموح لك بالوجود داخله دون قيد او شرط (طبعا هذا يقتضي كفالة حق المواطنة الذي يجب أن يتساوى فيه الجميع ) ، وبالتالي اي اسطورة عن دول شقيقة وعلاقات ازلية وأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وشعب وادي النيل ،كل هذا الكلام مجرد ونسة مجانية ، سرعان ما تتبخر أمام المحكات الكبيرة ومنها تدفق مئات الالاف او ملايين البشر من دولة إلى دولة اخرى، في هذه الحالة سوف يشتغل عقل الدولة الوطنية بحسابات امنها القومي وطاقتها الاستيعابية ومصالحها الاقتصادية والآثار المباشرة وغير المباشرة على شعبها ومعاشه اليومي وبنيتها التحتية ومستوى الخدمات فيها من مثل هذا الزحف البشري الكبير ، وبالتالي في بداية كل حرب سوف تسمع رؤساء دول واعلاميين ومثقفين يرحبون بالفارين من جحيم الحرب سواء كانوا يمنيين او سوريين او سودانيين، وتسمع عبارات مرحبا بهم في وطنهم الثاني وسوف نتقاسم معهم اللقمة ونحملهم فوق رؤوسنا ، ولكن العاقل يعلم أن لهذا الحديث العاطفي مهما كان صدقه سقفا من الخرصانة المسلحة! ذلك السقف هو منطق الدولة الوطنية وحسابات مصالحها.

في مدرسة هذه الحرب اللعينة اتمنى ان ندرك قيمة الوطن وقيمة السلام والاستقرار ونتعلم علوم وفنون ومهارات وقبل ذلك اخلاقيات الاحتفاظ بالوطن سالما ! وهذا حديث يطول!

كل ما نرجوه هو معالجة انسانية رحيمة لازمة العالقين في المعبر حاليا الذين وصلوا إليه قبل صدور قرار التأشيرة.

نحتاج لمعسكرات نزوح في الولايات الامنة التي وصل إيجار البيت العادي جدا فيها إلى ما يعادل٠٦٠٠ دولار كحد ادنى! والشقة المفروشة ٢٠٠٠ دولار! ، كما نحتاج إلى معسكرات لجوء في الدول المجاورة تحت إشراف الأمم المتحدة، ولا حول ولا قوة الا بالله!

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *